وهو صاحب بعث البلقاء: أن ابعث أوريا وقدمه على التابوت، وكان من يتقدم على التابوت لا يحل له أن يرجع حتى يفتح الله على يديه أو يستشهد، ففتح الله على يديه وسلم، فأمر برده مرة أخرى، وثالثةً، حتى قتل، وأتاه خبر قتله فلم يحزن كما كان يحزن على الشهداء، وتزوج امرأته. فهذا ونحوه مما يقبح أن يحدث به عن بعض المتسمين بالصلاح من أفناء المسلمين فضلًا عن بعض أعلام الأنبياء. وعن سعيد بن المسيب والحارث الأعور: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مئة وستين، وهو حد الفرية على الأنبياء. وروي: أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحق، فكذب المحدث به، وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله فما ينبغي أن يلتمس خلافها، وأعظم بأن يقال غير ذلك، وإن كانت على ما ذكرت وكف الله عنها سترًا على نبيه فما ينبغي إظهارها عليه، فقال عمر: لسماعي هذا الكلام أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله لقصته عليه السلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب. فإن قلت: لم جاءت على طريقة التمثيل والتعريض دون التصريح؟ قلت: لكونها أبلغ في التوبيخ، من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرض به، كان أوقع في نفسه، وأشد تمكنًا من قلبه، وأعظم أثرًا فيه، وأجلب لاحتشامه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أرض الشام قال: هي مدينة الكنعانيين، وكان اسم ملكهم: بالق، فقلب اسمه على بلده.
قوله: (وأجلب لاحتشامه)، الجوهري: أبو زيد: حشمت الرجل وأحشمته بمعنًى، وهو أن يجلس إليك فتؤذيه وتغضبه. ابن الأعرابي: حشمته: أخجلته. وأحشمته، أغضبته. واحتشمته واحتشمت منه بمعنى.


الصفحة التالية
Icon