لأنه ينحني ويخضع كالساجد، وبه استشهد أبو حنيفة وأصحابه في سجدة التلاوة، على أن الركوع يقوم مقام السجود. وعن الحسن: لأنه لا يكون ساجدًا حتى يركع، ويجوز أن يكون قد استغفر الله لذنبه وحرم بركعتي الاستغفار والإنابة، فيكون المعنى: وخر للسجود راكعًا، أي: مصليًا؛ لأن الركوع يجعل عبارة عن الصلاة. ﴿وَأَنَابَ﴾: ورجع إلى الله تعالى بالتوبة والتنصل. وروي: أنه بقي ساجدًا أربعين يومًا وليلة لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة أو ما لا بد منه، ولا يرقأ دمعه حتى نبت العشب من دمعه إلى رأسه، ولم يشرب ماءً إلا وثلثاه دمع، وجهد نفسه راغبًا إلى الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسجود من الانحناء والخضوع، ولما بينهما من المناسبة. استشهد أبو حنيفة في سجدة التلاوة على أن الركوع يقوم مقام السجود، قال صاحب التقريب: وفيه نظر؛ لأنه بعد تعبيره به عن الساجد لا يبقى الاستشهاد، لعله استشهد بإطلاق الآية.
وقلت: لا إطلاق؛ لأن الركوع مقيد بالخرور الذي هو السقوط، فلا يحمل على مجرد الركوع. وفي "الروضة"، قال أصحابنا: يستحب أن يسجد في ﴿ص﴾ خارج الصلاة، ولو سجد في الصلاة جاهلًا أو ناسيًا لم تبطل صلاته، وإن كان عامدًا بطلت على الأصح.
قوله: (حرم)، أي: دخل في التحريمة، يقال: أحرم بالصلاة وحرم، ومنه: تكبيرة التحريم.
قوله: (والتنصل)، هو: الاعتذار والتبرؤ من الذنب، ويروى: بالتنقل، يقال: انتقل من الشيء، انتفى منه.
قوله: (ولا يرقأ دمعه)، أي: لا يسكن.
الجوهري: يقال: رقأ الدمع يرقأ رقأ ورقورًا؛ سكن، وكذلك الدم.