[﴿وقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ﴾ ٦٢ - ٦٣]
﴿وقَالُوا﴾ الضمير للطاغين، ﴿رِجَالًا﴾ يعنون فقراء المسلمين الذين لا يؤبه لهم، ﴿مِّنَ الأَشْرَارِ﴾: من الأراذل الذين لا خير فيهم ولا جدوى؛ ولأنهم كانوا على خلاف دينهم، فكانوا عندهم أشرارًا. ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًا﴾ قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة لـ ﴿رِجَالًا﴾ مثل قوله: ﴿كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ﴾؛ وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم. وقوله: ﴿أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ﴾ له وجهان من الاتصال؛ أحدهما: أن يتصل بقوله: ﴿مَا لَنَا﴾ أي: ما لنا لا نراهم في النار؟ كأنهم ليسوا فيها، بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها؟ قسموا أمرهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيقتضي ذلك اثنين لأن كلا منهما يضاعف الآخر فلا يخرجان عن الاثنين، بخلاف إذا أضيف الضعفان إلى واحد فيثلثهما، نحو: ضعفين الواحد.
قوله: (لا يؤبه لهم)، أي: لا يبالى بهم. الأساس: لا يؤبه به، وما أبهمت له.
قوله: (﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًا﴾ قرئ بلفظ الإخبار)، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: ﴿مِّنَ الأَشْرَارِ * اتَّخَذْنَاهُمْ﴾ بوصل الألف، وإذا ابتدؤوا كسروها. والباقون: بقطعها في الحالين مستفهمين.
قوله: (وتأنيب لها، الجوهري: أنبه تأنيبًا، عنفه ولامه. وقال: التأنيب، التوبيخ، حقيقته أنه مأخوذ من الإناب وهو: المسك، مكأنه بالتوبيخ بزيل عنه الطيب والإناب، فإنه يقدح فيه ويعد عليه العيوب والجنايات.
قوله: (قسموا أمرهم) أي: قسم الطاغون أمر الرجال بين أن يكونوا من أهل الجنة