وقرئ: (كذاب)، (كذوب)، وكذبهم: قولهم في بعض من اتخذوا من دون الله أولياء: بنات الله؛ ولذلك عقبه محتجًا عليهم بقوله: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ ولَدًا لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ يعني: أراد اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح؛ لكونه محالًا، ولم يتأت إلا أن يصطفي من خلقه بعضه ويختصهم ويقربهم، كما يختص الرجل ولده ويقربه، وقد فعل ذلك بالملائكة، فافتتنتم به وغركم اختصاصه إياهم، فزعمتم أنهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكذبهم: قولهم في بعض ما تخذوا)، يعني: وضع ﴿مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ موضع ضمير المتخذين -بكسر الخاء-، والمتخذ -بالفتح- بعض ما اتخذوه، وهو الملائكة والمسيح واللات والعزى، كما سبق.
قوله: (فافتتنتم به)، افتتن الرجل وفتن فهو مفتون: إذا أصابه فتنة فذهب ماله وعقله.
وتقرير المسألة على ما قال صاحب "التقريب": لو أراد اتخاذ الولد لم يصح إلا أن يصطفي بعض خلقه، وقد اصطفى الملائكة وشرفهم، فغركم اختصاصه فزعمتم أنهم أولاده بل بناته فكنتم كذابين. وفي تحقيق معنى التلازم ونفي اللازم أو إثبات الملزوم على ما قرر نظر، فالأولى ما قيل: لو أراد يتخذ ولدًا كما زعمتم لاختار الأفضل لا الأنقص وهن الإناث.
وقلت: مراد المصنف: أن مؤدى ﴿لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ في هذا المقام مؤدى قولنا: لامتنع، ولم يصح، إلى آخره. والاستثناء في قوله: "ولم يتأت إلا أن يصطفي" على أسلوب قول لبيد:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم.... بهن فلول من قراع الكتائب
أراد: ليس فيهم عيب البتة، فوضع "غير أن سيوفهم بهن فلول" موضعه، أي: لو كان هذا عيبًا فهم موصوفون به، فإذن لا عيب فيهم، وكذلك المعنى: لو أراد الله أن يتخذ ولدًا