أندادًا ضلاله عن سبيل الله، أو إضلاله. والنتيجة قد تكون غرضًا في الفعل، وقد تكون غير غرض. وقول: ﴿تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ﴾ من باب الخذلان والتخلية، كأنه قيل له: إذ قد أبيت قبول ما أمرت به من الإيمان والطاعة، فمن حقك أن تؤمر به بعد ذلك، وتؤمر بتركه؛ مبالغةً في خذلانه وتخليته وشأنه؛ لأنه لا مبالغة في الخذلان أشد من أن يبعث على عكس ما أمر به، ونظيره في المعنى قوله: ﴿مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَاوَاهُمْ جَهَنَّمَ﴾ [آل عمران: ١٩٧].
[﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ ٩]
قرئ: (أمن هو قانت) بالتخفيف على إدخال همزة الاستفهام على "من"، وبالتشديد على إدخال "أم" عليه. و "من" مبتدأ خبره محذوف، وتقديره: أمن هو قانت كغيره، وإنما حذف؛ لدلالة الكلام عليه؛ وهو جري ذكر الكافر قبله، وقوله بعده:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والنتيجة قد تكون غرضًا في الفعل وقد تكون غير غرض)، أي: اللام في ﴿لِيُضِلَّ﴾ كاللام في قوله ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨].
قوله: (قرئ: "أمن هو قانت" بالتخفبف)، نافع وحمزة، والباقون: بالتشديد.
قوله: (و "من" مبتدأ خبره محذوف، تقديره: أمن هو قانت كغيره)، هذا على التقديرين، أما على التخفيف فيقال: أمن هو قانت كغيره، وعلى التشديد "أم" منقطعة، والتقدير: بل أم من هو قانت كغيره، فعلى التقديرين لا بد من الخبر، وهذا مأخوذ من قول الزجاج: أم من هو قانت كهذا الذي ذكرناه ممن جعل له ندًا. وقيل: أمن هو قانت كغيره، أي: أمن هو مطيع كمن هو عاص.


الصفحة التالية
Icon