وجها الشيء وصفتاه تنزل بذلك منزلة شيئين مختلفين، ولك أن تجعل اللام مزيدةً مثلها في: أردت لأن أفعل، ولا تزاد إلا مع"أن" خاصة دون الاسم الصريح، كأنها زيدت عوضًا من ترك الأصل إلى ما يقوم مقامه، كما عوض السين في"أسطاع" عوضًا من ترك الأصل الذي مو"أطوع"، والدليل على هذا الوجه: مجيئه بغير لام في قوله: ﴿وَاُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٧٢]، ﴿وَاُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ١٠٤]. ﴿وَاُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ [الأنعام: ١٤].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من السابقين. وفائدته التنبيه على أن السبق المعتبر ليس بتقدم الزمان بل بالتقدم بالقدم، قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١٠ - ١١] قال القاضي: والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة والأشعار بأن العبادة المقرونه بالإخلاص وإن اقتضت لذاتها أن تؤمر بها فهي أيضًا تقتضيه لما يلزم من السبقة في الدين. وقوله: "ولك أن تجعل اللام مزيدة" عطف على قوله: "وأمرت بذلك لأجل أن أكون"، يعني: أن اللام إما للتعليل أو مزيدة، وكان يلزم على الأول تقدير المأمور به المستلزم للتكرير، وأن يقال: وأمرت بذلك، فسأل عنه وأجاب، ثم شرع في بيان أن اللام مزيدة؛ لأن ﴿أَكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمِينَ﴾ هو المأمور به، واستشهد بأمثاله من قوله: ﴿أَنْ َكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمِين﴾ وغيره.
قوله: (من ترك الأصل الذي هو أطوع)، إلى"أطاع"، روي عن المصنف أنه قال: إن"أطاع" أضله"أطوع"، فحين غيروا الأصل عوضوا من تغييره زيادة السين، ونحوه زيادة الهاء في"أهراق" وأصله"أراق". وقيل: الأصل في الآية أن يكون المفعول به اسمًا صريحًا، فإذا أتى بدله أن مع الفعل فقد عدل عن الأصل إلى غيره.
قال صاحب" الإنصاف": قوله: إنها لا تزاد إلا مع"أن"، ليس بصحيح، فمن مسائلها: ﴿يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٢٦]، و ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، و ﴿وَاُمِرْتُ لِأُسْلِمَ﴾، فلو اقتصر على أنها لا تزاد مع الاسم الصريح لكان أصح.