على غير الشيطان، والمراد بما ها هنا الجمع. وقرئ: (الطواغيت). ﴿أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾: بدل من ﴿الطَّاغُوتِ﴾ بدل الاشتمال. ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾: هي البشارة بالثواب، كقوله تعالى: ﴿لَهُمث الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٤]، الله عز وجل يبشرهم بذلك في وحيه على ألسنة رسله، وتتلقاهم الملائكة عند حضور الموت مبشرين، وحين يحشرون، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ﴾ [الحديد: ١٢]. وأراد بعباده ﴿الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه﴾: الذين اجتنبوا وأنابوا لا غيرهم، وإنما أراد بهم أن يكونوا نقادًا في الدين يميزون بين الحسن والأحسن والفاصل والأفضل، فإذا اعترضهم أمران واجب وندب:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإشارة بقوله: "وهو للاختصاص".
قوله: (وقرئ: "الطواغيت")، قال ابن جني: قرأها الحسن: ﴿الطَّاغُوتِ﴾ مقلوب، ووزنه "فلعوت" من: طغيت، وقالوا أيضًا: طغوت. وقولهم: "طغيان" دليل على أن اللام ياء فاصلة، إذن "طغيوت" مصدر كالرغبوت والرهبوت، ثم قدم اللام على العين فصارت "طيغوت" ثم قلبت الياء لتحركها وانفتاح ما قلبها الفاء فصار "طاغوت"، وكان القياس إذا كسر أن يقال: "طياغيت" إلا أنه قيل: "طواغيت" على لغة من قال: "طغوت".
قوله: (وأراد بعباده ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾: الذين اجتنبوا لا غيرهم)، يعني: لا يجوز أن يراد غيرهم؛ لأن قوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ مترتب على جملة قوله: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا﴾ إلى قوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ على معنى إذا كان لهم البشرى فبشرهم، فأقيم المظهر موضع المضمر من غير لفظه السابق لتكرير استحقاق البشارة، أحدهما: الترتيب، والآخر: تخصيص الذكر، ولو ترك إقامة المظهر موضع المضمر وقيل: ﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾ لم ينبه على كونهم نقادًا مميزين مع الاجتناب والإنابة.