﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ﴾ كمن أمن العذاب، فحذف الخبر كما حذف في نظائره: و ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾: شدّته. ومعناه: أن الإنسان إذا لقي مخوفًا من المخاوف استقبله بيده، وطلب أن يقي بها وجهه، لأنه أعز أعضائه عليه، والذي يلقى في النار يلقى مغلولة يداه إلى عنقه؛ فلا يتهيأ له أن يتقى النار إلا بوجهه الذي كان يتقى المخاوف بغيره، وقاية له ومحاماة عليه. وقيل: المراد بالوجه الجملة، وقيل: نزلت في أبي جهل. وقال لهم خزنة النار: ﴿ذُوقُوا﴾ وبال ﴿مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾. ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾: من الجهة التي لا يحتسبون، ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها، بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم. والخزي: الذل والصغار، كالمسخ والخسف والقتل والجلاء، وما أشبه ذلك من نكال الله.
[﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ ٢٧ - ٢٨]
﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ حال مؤكدة، كقولك: جاءني زيد رجلًا صالحًا وإنسانًا عاقلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدرقته نفسه زيدًا. الأساس: هذا وقاء ووقاية له لما يوقى به الشيء. ووقاه الله كل سوء ومن السوء وقاية. فعلى هذا: اتقاه بدرقته؛ استقبله بدرقته فوقى بها نفسه إياه، أي: منه.
قوله: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ حال مؤكدة)، قال الزجاج: ﴿عَرَبِيًّا﴾ منصوب على الحال، أي: ضربنا للناس في هذا القرآن في حال عربيته وبيانه، وذكر ﴿قُرْآنًا﴾ توكيدًا، كما تقول: جاءني زيد رجلًا صالحًا، فتذكر رجلًا توكيدًا. وقال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: ﴿قُرْآنًا﴾ حال، و ﴿عَرَبِيًّا﴾ صفة؛ لأن القرآن مصدر، فيمكن أن يقع حالًا، أي: مقروءًا عربيًا. وقال أبو البقاء: ﴿قُرْآنًا﴾ هو حال من ﴿الْقُرْآن﴾ موطئة، والحال في المعنى قوله: ﴿عَرَبِيًّا﴾. وقيل: انتصب بـ ﴿يَتَذَكَّرُونَ﴾.