وقد أتاك يقين غير ذي عوج.... من الإله وقول غير مكذوب
[﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ ٢٩]
اضرب لقومك مثلًا، وقل لهم: ما تقولون في رجل من المماليك قد اشترك فيه شركاء بينهم اختلاف وتنازع: كل واحد منهم يدعى أنه عبده، فهم يتجاذبونه ويتعاورونه في مهنٍ شتى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (واضرب لقومك مثلًا وقل لهم ما تقولون)، إنما دعاه إلى جعل الإخباري، أي: قوله ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا﴾ طلبيًا، وأتى بواو العطف ليتصل بما جاء في هذه السورة الكريمة من الأمر كقوله: ﴿قُلْ﴾ أو دعاه قوله: ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاَ﴾ فإنه سؤال تقرير وتبكيت للمشركين، فلا بد من السائل، والسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا﴾ ماضٍ، فيجب التأويل وأن يقال: واضرب لقومك مثلًا وقل لهم كذا، ثم سل: هل يستويان مثلًا؟ أي: قل لهم: ما تقولون في هذا التمثيل؟ ثم بعد الفراغ سلهم: هل يستويان مثلًا؟ ثم إذا ألزمتهم الحجة قل: الحمد لله شكرًا على ما أولاك من النصرة وقهر الأعداء بالحجج الساطعة.
قال صاحب "الكشف": ﴿رَجُلًا﴾ بدل من قوله: ﴿مَثَلًا﴾، و ﴿شُرَكَاءُ﴾ ترتفع بالظرف.
قوله: (ويتعاورونه)، أي: يتداولونه. الجوهري: يقال: هم يعورون العواري بينهم. وقد قيل: مستعار بمعنى: متعاور، أي: متداول.
قوله: (في مهن شتى)، الجوهري: المهنة -بالفتح- الخدمة. وحكى أبو زيد والكسائي: المهنة؛ بالكسر، وأنكره الأصمعي. والماهن: الخادم.