لأن التقدير: مثل رجل ومثل رجل. والمعنى: هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية، كما تقول: كفى بهما رجلين. ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ الواحد الذي لا شريك له دون كل معبود سواه، أي: يجب أن يكون الحمد متوجهًا إليه وحده والعبادة، فقد ثبت أنه لا إله إلا هو. ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ فيشركون به غيره.
[﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ﴾ ٣٠ - ٣٢}
كانوا يتربصون برسول الله ﷺ موته، فأخبر أن الموت يعمهم، فلا معنى للتربص، وشماتة الباقي بالفاني. وعن قتادة: نعى إلى نبيه نفسه، ونعى إليكم أنفسكم: وقرئ:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن التقدير: مثل رجل ومثل رجل)، يعني: أجمل ثم فصل، نحو: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قال: أبدل ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ من أو ﴿وَأَسَرُّوا﴾ إشعارًا بأنهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسروا به.
قوله: (فيما يرجع إلى الوصفية)، إشارة إلى أن ﴿مَثَلًا﴾ في قوله: ﴿هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا﴾ بمعنى: صفة، مستعار لها، وهو تمييز كما سبق. ﴿هَلْ يَسْتَوِيانِ﴾ صفة على التمييز.
قوله: (كما تقول: كفى بهما رجلين)، أي: فيما يرجع إلى الرجولية، إذا اعتبرت رجلين رجلين. الجوهري: هذا رجل كافيك من رجل، وهما رجلان كافيك من رجلين.
قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الواحد] الذي لا شريك له دون [كل] معبود سواه)، وصف الله بنفي الشريك ليؤذن بأن الاسم الجامع في مقام ضرب المثل لنفي الأضداد والأنداد متجل بصفة الوحدانية والفردانية، و"دون" متعلق بالظرف المستقل وهو ﴿للهِ﴾، يدل عليه قوله: "أي: يجب أن يكون الحمد لله متوجهًا إليه وحده" والاختصاص مستفاد من اللام. ترتب الحمد على ضرب المثل ولزوم التوحيد منه، ومن ثم أتى بالفاء في قوله: "فقد ثبت أنه لا إله إلا هو"، أي: من ضرب المثل.