مائت ومائتون. والفرق بين الميت والمائت: أن الميت صفة لازمة كالسيد، وأما المائت، فصفة حادثة. تقول: زيد مائت غدًا، كما تقول: سائد غدًا، أي: سيموت وسيسود. وإذا قلت: زيد ميت، فكما تقول: حي في نقيضه، فيما يرجع إلى اللزوم والثبوت. والمعنى في قوله: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ إنك وإياهم وإن كنتم أحياء، فأنتم في عداد الموتى؛ لأن ما هو كائن فكأن قد كان. ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ﴾: ثم إنك وإياهم، فغلب ضمير المخاطب على ضمير الغيب، ﴿تَخْتَصِمُونَ﴾ فتحتج أنت عليهم بأنك بلغت فكذبوا، فاجتهدت في الدعوة فلجوا في العناد، ويعتذرون بما لا طائل تحته، تقول الأتباع: ﴿أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾، وتقول السادات: أغوتنا الشياطين وآباؤنا الأقدمون؛ وقد حمل على اختصام الجميع وأن الكفار يخاصم بعضهم بعضًا، حتى يقال لهم: ﴿لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ﴾ [ق: ٢٨]؛، والمؤمنون الكافرين يبكتونهم بالحجج، وأهل القبلة يكون بينهم الخصام. قال عبد الله بن عمر: لقد عشنا برهة من دهرنا ونحن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأما المائت فصفة حادثة)، الانتصاف: فاستعمال ﴿مَيِّتٌ﴾ مجاز؛ إذ الخطاب مع الأحياء، و"مائت" حقيقة؛ إذ لا يعطى اسم الفاعل حال الخطاب خلاف معناه.
الإنصاف: هذا وهم؛ لأن "المائت" أيضًا مجاز، فإن اسم الفاعل حقيقة عند بقاء ما اشتق منه اسم الفاعل، والمختار أن استعماله فيما مضى مجاز، وأما استعماله في المستقبل عند الأصوليين فمجازٌ بلا خلاف.
وقلت: لا بد من الفرق بين ﴿عَالِمَ﴾ و ﴿يَعْلَمُ﴾ قال صاحب "المفتاح": وليتعين -أي: المسند- كونه اسمًا كنحو: زيد عالم، فيستفاد الثبوت صريحًا، فأصل الاسم صفة وغير صفة للدلالة على الثبوت، نعم دلالة الصفة المشبهة عليه أظهر وألزم.
قوله: (والمؤمنون الكافرين)، و"المؤمنون" عطف على محل "أن" واسمها. روى هذا