يَهْتَدُونَ} [المؤمنون: ٤٩]، فلذلك قال: ﴿أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾، إلا أن هذا في الصفة وذاك في الاسم. ويجوز أن يريد: والفوج أو الفريق الذي جاء بالصدق وصدق به، وهم الرسول الذي جاء بالصدق، وصحابته الذين صدقوا به. وفي قراءة ابن مسعود: (والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به). وقرئ: (وصدق به) بالتخفيف، أي: صدق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن هذا في الصفة وذاك في الاسم)، لأن هناك ذكر الاسم وهو موسى، وها هنا ذكر الصفة وهي: المجيء بالصدق. وقال محيي السنة: قال ابن عباس: ﴿وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ﴾ يعني: النبي ﷺ جاء بلا إله إلا الله، ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾: الرسول أيضًا بلغه إلى الخلق.
قوله: (ويجوز أن يريد: والفوج أو الفريق)، روى محيي السنة هذا الوجه عن مقاتل وقتادة، قال أبو البقاء: الذي هنا وفي "البقرة" مفرد في اللفظ، والمعنى على الجمع، وفيه وجهان: أحدهما: هو جنس مثل ﴿مَنْ﴾. والثاني: أريد ﴿الَّذِينَ﴾ فحذف النون لطول الكلام بالصلة.
وقال الزجاج: و ﴿الَّذِينَ﴾ و ﴿الَّذِي﴾ في معنى واحد؛ لأنه غير موقف، والذي ها هنا للجنس المعني والقبيل الذي جاء بالصدق. وقلت: يعني الفريق الذي وقع فيه مجيء الصدق من بعض والتصديق من بعض، وهو المراد بقوله: "وهم الرسول" إلى آخره.
قوله: (وقرئ: "وصدق به" بالتخفيف)، قال ابن جني: وهي قراءة أبي صالح وعكرمة بن سليمان، وفيه ضرب من الثناء على المؤمنين، فهو كقولك: الذي يأمر بالمعروف ويتبع سبيل الخير فيه مثاب عند الله، فكذا قوله: ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ أي: استحق اسم الصدق بمجيئه.