قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ٤٢]
﴿الْأَنْفُسَ﴾: الجمل كما هي. وتوفيها: إماتتها؛ وهو أن يسلب ما هي به حية حساسة درّاكة من صحة أجزائها وسلامتها، لأنها عند سلب الصحة كأن ذاتها قد سلبت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿الْأَنْفُسَ﴾: الجمل كما هي)، وعن بعض العدلية: أراد بالجمل الأرواح والأبدان جميعًا، فيكون على هذا التقدير البنية المخصوصة شرطًا للحياة، خلافًا للأشعرية.
قوله: (لأنها عند سلب الصحة كأن ذاتها قد سلبت)، تعليل لمحذوف على طريقة الجواب عن سؤال مقدر، يعني: إذا كانت الإماتة عبارة عن سلب ما به النفس دراكة، لا سلب ذات النفس، فكيف قال الله تعالى: ﴿يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾؟ والنفس كما تقرر: الجمل كما هي.
وأجاب: أن النفس عند سلب الصحة كأن ذاتها قد سلبت مبالغة.
واعلم أنه فسر التوفي بوجهين:
أحدهما: أنه في معنى الإماتة، نحو قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] على بناء اسم المفعول، فالأنفس حينئذ بمعنى: الأرواح والأبدان جميعًا، فلهذا قال: الأنفس الجمل كما هي، والتوفي لما كان بمعنى سلب الصحة لا النفس، حمل على المجاز، كما قرره.
وثانيهما: أن يكون التوفي بمعنى الاستيفاء والقبض، كقراءة من قرأ: "الذين يتوفون" على بناء اسم الفاعل، والأنفس حينئذ: إما ما به التميز، وإما نفس الحياة، فيصح حمله على حقيقته؛ لأنه سلب ما به النفس دراكة، لكن يلزم من هذا الوجه أن تكون نفس الحياة متصفًا بالموت، لا الجملة الحساسة، ويكون ما به التميز متصفًا بالموت والنوم. فرد هذا