..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجه بقوله: "والصحيح ما ذكرت لك أولًا"، أي: المراد بالنفس الجملة، وبالتوفي سلب ما هي به حية حساسة دراكة.
وقلت: الوجه الأول من باب الجمع والتفريق، جمع النفسين الميتة والنائمة في حكم التوفي أولًا، ثم فرق بين جهتي التوفي، فحكم على النفس الميتة بالإمساك، وعلى النائمة بالإرسال والتقدير. و ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾ النفس التي تقبض والنفس التي لم تقبض، فيمسك الأولى ويرسل الأخرى. ويؤيده قول صاحب "الكشف": التقدير: ويتوفى التي لم تمت، فاستغنى عن ذكر "يتوفى" ثانيًا؛ لجريه أولًا.
وتحريره: الله يميت الشخص بأن يسلب منه ما به تصح حياته وينيم الآخر نومة تشبه الموت في عدم التصرف والتميز، ثم لا يرد الحياة إلى النفس التي أماتها موتة حقيقية، يورد التميز إلى التي أماتها موتة مجازية إلى أجل مسمى.
فإن قلت: يلزم على ما ذكرت أن يكون التوفي مستعملًا في مفهومي حقيقته ومجازه.
قلت: يجعل مجازًا عن قطع تعلق النفس عن البدن مطلقًا.
قال الإمام: النفس الإنسانية: عبارة عن جوهر مشرق نوراني إذا تعلق بالبدن حصل ضوءه في جميع الأعضاء، وهي الحياة، ثم إنه في وقت النوم ينقطع تعلقه عن ظاهر البدن دون باطنه، وفي وقت الموت ينقطع التعلق عن ظاهره وباطنه. فالموت والنوم من جنس واحد بهذا الاعتبار، لكن الموت انقطاع تام كامل، والنوم انقطاع ناقص، فظهر أن القادر الحكيم دبر تعلق النفس بالبدن على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه دبر أمرها بحيث يقع ضوء الروح على جميع أجزاء البدن ظاهرة وباطنة، وذلك هو اليقظة.


الصفحة التالية
Icon