[﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ٤٣ - ٤٤]
﴿أَمِ اتَّخَذُوا﴾: بل اتخذ قريش، والهمزة للإنكار ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾: من دون إذنه ﴿شُفَعاءَ﴾ حين قالوا: ﴿هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]، ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. ألا ترى إلى قوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا﴾؟ أي: هو مالكها، فلا يستطيع أحد شفاعةً إلا بشرطين: أن يكون المشفوع له مرتضى، وأن يكون الشفيع مأذونًا له. وهاهنا الشرطان مفقودان جميعًا. ﴿أَوَلَوْ كانُوا﴾ معناه: أيشفعون ولو كانوا ﴿لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ﴾ أي: ولو كانوا على هذه الصفة لا يملكون شيئًا قط، حتى يملكوا الشفاعة ولا عقل لهم. ﴿لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ تقرير لقوله: ﴿لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا﴾؛ لأنه إذا كان له الملك كله، والشفاعة من الملك؛ كان مالكًا لها. فإن قلت: بم يتصل قوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾؟ قلت: بما يليه، ومعناه: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ اليوم ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ يوم القيامة، فلا يكون الملك في ذلك اليوم إلا له، فله ملك الدنيا والآخرة.
[﴿وإذَا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وإذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ ٤٥]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والباقون: على البناء للفاعل.
قوله: (أن يكون المشفوع له مرتضى، وأن يكون الشفيع مأذونًا له)، لكن الذي هو مشروط في الآية شيئان: الملك المطلق والعقل، والشرطان مفقودان، أي: الأصنام لا يملكون شيئًا، ولا لهم مرتبة العقلاء، يدل عليه قوله: ﴿أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ﴾، ولذلك أتبعه بما اشتمل على الاسم الجامع والملك على الإطلاق دنيا وأخرى من غير منازع فيه حيث قال: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية.