﴿بِرَسُولِهِمْ﴾، وقرئ: (برسولها)، ﴿لِيَاخُذُوهُ﴾: ليتمكنوا منه، ومن الإيقاع به وإصابته بما أرادوا من تعذيب أو قتل. ويقال للأسير: أخيذ. ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ يعني أنهم قصدوا أخذه، فجعلت جزاءهم على إرادة أخذه أن أخذتهم، ﴿فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ فإنكم تمرون على بلادهم ومساكنهم فتعاينون أثر ذلك. وهذا تقرير فيه معنى التعجيب.
[﴿وكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ ٦]
﴿أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ في محل الرفع بدل من ﴿كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾، أي: مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار. ومعناه: كما وجب إهلاكهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿لِيَاخُذُوهُ﴾: ليتمكنوا منه)، يريد أن يقوله: ﴿لِيَاخُذُوهُ﴾ كناية عن عن القتل والتعذيب؛ لأنهم ما اهتموا بالأخذ المتعارف، قال تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [البقرة: ٨٧] ولا قتضاء مقام التسلي. وقوله: "ليتمكنوا منه" بيان لا ستلزم الأخذ القتل.
قوله: (فجعلت جزاءهم على إرادة أخذه)، "على" صلة"جزائهم"، أي: جازيتهم على إرادة أخذهم الرسول.
فإن قلت: الظاهر أن قوله: ﴿فَأَخَذْتُهُمْ﴾ جزاء لتكذبيهم واهتمامهم بأخذ الرسول والجدال بالبناطل، لا سيما وأصل الكلام في الجدال لقوله تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، فكيف جعله جزاء لقوله: ﴿وهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَاخُذُوهُ﴾؟
قلت: السؤال ظاهر، والجواب مشكل، ويمكن أن يقال: إن تكذيبهم وجدالهم كان للحسد، وأن مثل ذلك الرسول لا ينبغي أن يكون موطًا العقب، فلن يتخلصوا منه إلا بالقتل، فجعل ذلك أخذًا في الاعتبار تغليبًا أو مشاكلة، وإنما اعتبر هذا لا ما سيق له الكلام من المجادلة الباطلة مزيدًا للتسلي.


الصفحة التالية
Icon