..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفصل، والمفصل مشتمل على شئين، وليس في التفصيل إلا شيء واحد. وأجاب أن العلم مندرج في قوله: ﴿فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا﴾ ومراد فيه؛ إذ ليس المراد أنهم يستغفرون لمن آمن مطلقا كما يقتضيه مطلق قوله: ﴿ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: الذين وجد منهم الإيمان، بل لمن آمن وعلم منه التوبة عن المعاصي والكفر جميعًا، كما هو قضية مذهبه، يؤيد هذا التأويل قوله في سورة "الشورى": ألا ترى إلى قوله في سورة "المؤمن": ﴿ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾، وحكايته عنهم: ﴿فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ﴾ كيف وصفوا المستغفر لهم بما يستوجب الاستغفار؟ فما تركوا للذين آمنوا من المصدقين طمعًا في استغفارهم، فكيف بالكفرة؟
وقوله ها هنا: "ويستغفرون لمن في مثل حالهم وصفتهم"، أي: في الطهارة عن أرجاس الشرك وأوضار الذنوب، والعاصي غير التائب ليس بطاهر.
وقال صاحب "الانتصاف": أخطأ الزمخشري في هذا المقام من وجوه: مراعاة المصلحة، واعتقاد امتناع غفران الكبائر بلا توبة، واعتقاد وجوب التوبة على الله، وجحد الشفاعة، وأقبح ما فيه المراد بالاستغفار زيادة الكرامة، مع أن صريح المسؤول إنما هو المغفرة، ووقاية عذاب الجحيم.
فأقول: إذا جعل العلم قيدًا للمذكور ولا يجعل مستقلا في الدلالة كما مر فلا طائل إذن تحت وصفه بتلك السعة والمبالغة فيها، ولا فائدة في ذكر الرحمة والإغراق فيها، وأن المغفور له إذا كان في مثل الملائكة من الطهارة فأي حاجة إلى الاستغفار؟ فضلًا عن تلك المبالغات، هذا تحجر للواسع. كما روينا عن البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي، عن أبي هريرة قال: قام رسول الله ﷺ في الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي: اللهم ارحمني


الصفحة التالية
Icon