..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا. فلما سلم رسول الله ﷺ قال: "لقد تحجرت واسعًا"، يريد: رحمة الله.
تحجرت واسعًا، أي: ضيقت، من قولهم: حجر فلان إذا اتخذ له على الأرض حجارة محدقة بها.
أما قوله: "أن السيئات هي الصغائر أو الكبار المتوب عنها، والوقاية منها: التكفير"، فقد أجاب عنه الإمام: لا يجوز ذلك؛ لأن إسقاط عقوبة الكبيرة بعد التوبة عندكم واجب، وما كان فعله واجبًا كان طلبه بالدعاء عيبًا قبيحًا عندكم، وكذا إسقاط عقوبة الصغيرة واجب، فلا يحسن طلبه بالدعاء، ولا يجوز أن يكون ذلك لطلب زيادة منفعة على الثواب؛ لأن ذلك لا يسمى مغفرة. انتهى.
فحينئذ يجب القول بأن المراد بالتوبة التوبة عن الشرك، كما قال الواحدي: ﴿فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا﴾ من الشرك ﴿واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ﴾ أي: دينك الإسلام.
فإن قلت: لو لم يكن التوبة من المعاصي مرادًا لكان يكفي أن يقولوا: فاغفر للذين آمنوا ليطابق السابق؟
قلت_ والله أعلم_: هو قريب من وضع المظهر موضع المضمر من غير اللفظ السابق، وبيانه أن قوله: ﴿رَبَّنَا وسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا﴾ الآية، جاء مفصولًا عن قوله: ﴿ويَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: الذين وجد منهم الإيمان، بيانًا لكيفية استغفارهم، كأن قيل: كيف يستغفرون للذين وجد منهم الإيمان؟ وما تلك الكلمات؟ فقيل: يقولون: ﴿رَبَّنَا وسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا واتَّبَعُوا سَبِيلَكَ﴾، فالآية بيان لكيفية الاستغفار لحال المستغفر لهم، ووصفهم المميز يعرف بالذوق.


الصفحة التالية
Icon