[﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ ويُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ومَا يَتَذَكَّرُ إلاَّ مَن يُنِيبُ * فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ * رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو العَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ﴾ ١٣ - ١٦]
﴿يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها. والرزق: المطر؛ لأنه سببه. ﴿ومَا يَتَذَكَّرُ إلاَّ مَن يُنِيبُ﴾: وما يتعظ وما يعتبر بآيات الله إلا من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله، فإن المعاند لا سبيل إلى تذكره واتعاظه. ثم قال للمنيبين: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ﴾ أي: اعبدوه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ من الشرك، وإن غاظ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ﴿ذَلِكُمْ﴾ إشارة إلى ما دل عليه قوله ﴿فَهَلْ إلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾ من اليأس التام والإقناط الكلي والحكم بالخلود في النار، وقوله: ﴿ذَلِكُم بِأَنَّهُ إذَا دُعِيَ اللَّهُ وحْدَهُ كَفَرْتُمْ وإن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ تعليل لذلك الحكم، وقوله: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ﴾ إشارة إلى قطع ذلك الحكم وبت القضاء، أي: لا سبيل إلى الخروج؛ لأنكم آثرتم الشرك على التوحيد، والله تعالى حكم في الأزل أنه لا يغفر لمن يشرك به شيئًا، فلا راد الحكمه ولا دافع لقضائه؛ لعلو شأنه وعظمة كبريائه. هذا تأويل ظاهر مكشوف، وينصره ما ذكره الواحدي: فالحكم لله، أي: أنه حكم بعذاب من أشرك به ولا يرد حكمه، والعلي الكبير الذي لا أعلى منه ولا أكبر. وفيه أن قول المصنف: " على أن عذاب مثله لا يكون إلا كذلك"، غير مطابق.
قوله: (ثم قال للمنيبين: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ﴾ أي: اعبدوه)، بيان لربط الفاء بما قبلها، يعني: ختم الآيات البينات، والبيانات الشافية الكافية من مفتتح السورة إلى هنا بقوله: ﴿ومَا يَتَذَكَّرُ إلاَّ مَن يُنِيبُ﴾ تعريضًا بمن تمرد وعصى، وأشرك بالله وعتا، ثم قال للمنيبين: وإذا كان كذلك فأنتم منيبون ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، فقوله: ﴿ويُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾ عطف على قوله: ﴿يُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾، والآيات ما سبق، وذلك أنه تعالى لما حكى