من جبل أو أكمة أو بناء؛ لأن الأرض بارزة قاع صفصف، ولا عليهم ثياب، إنما هم عراة مكشوفون، كما جاء في الحديث: " يحشرون عراة حفاة غرلًا". ﴿لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ أي: من أعمالهم وأحوالهم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: لا يخفى عليه منهم شيء. فإن قلت: قوله: ﴿لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ بيان وتقرير لبروزهم، والله تعالى لا يخفى عليه منهم شيء برزوا أو لم يبرزوا، فما معناه؟ قلت: معناه: أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا إذا استتروا بالحيطان والحجب أن الله لا يراهم وتخفى عليه أعمالهم، فهم اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه. قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [فصلت: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٠٨]؛ وذلك لعلمهم أن الناس يبصرونهم، وظنهم أن الله لا يبصرهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزمان إذا كانت بمعنى "إذ" أضيفت إلى الجمل؛ الفعلي والاسمي، وإن كانت بمعنى "إذا" لم تضف إلا إلى الفعل، فإذا وقع بعدها اسم مرفوع أضمر فعل يرتفع به؛ لأن "إذا" حينئذ بمعنى الشرط، وهي لا تستقبل في اللفظ وفي المعنى، وليست "إذا" كذلك؛ لأنه لا معنى للشرط فيها؛ لأن"إذ" لما مضى، والشرط لا يكون لما مضى، فافهم ذلك.
قوله: (كما جاء في الحديث)، والحديث من رواية البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا". في "الجامع": الغرل: القلفة التي تقطع من جلد الذكر.


الصفحة التالية
Icon