[﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اليَوْمَ إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ﴾ ١٧]
لما قرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم عدد نتائج ذلك؛ وهي أن كل نفس تجزى ما كسبت، وأن الظلم مأمون؛ لأن الله ليس بظلام للعبيد، وأن الحساب لا يبطئ؛ لأن الله لا يشغله حساب عن حساب، فيحاسب الخلق كله في وقت واحد، وهو أسرع الحاسبين. وعن ابن عباس رضي الله عنه: إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها، ولا أهل النار إلا فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب الكواشي: بعد فناء الخلق يقول تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ فلم يجب، فيقول تعالى ﴿للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ والوقف على "اليوم" كاف، وعلى "القهار" تام، "اليوم" الثاي: معمول "تجزى". وكذا عن أبي البقاء.
قوله: (لم يقل) من القيلولة، وهو من قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤] وقد فسر هناك المقيل بالمكان الذي يأوون إليه للاسترواح.
وروينا في "شرح السنة": "لا ينتصف النهار من يوم الجمعة حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء". وروى الواحدي عن ابن مسعود وابن عباس: "لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار". وفيه: أن حكم الكل في تلك الساعة كذلك، لكن ليس فيه بقاء ذلك الحكم، فكيف وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة البالغة مبلغ التواتر خروج العصاة من أمة محمد صلوات الله عليه من النار، إما بمحض الغفران أو بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ منها ما روينا عن البخاري ومسلم: "يخرج من النار قوم كأنهم الثعارير".
الثعارير: صغار القثاء.