من قبل أن الشفعاء هم أولياء الله، وأولياء الله لا يحبون ولا يرضون إلا من أحبه الله ورضيه، وأن الله لا يحب الظالمين، فلا يحبونهم، وإذا لم يحبونهم لم ينصروهم ولم يشفعوا لهم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [البقرة: ٢٧٠]، وقال: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]؛ ولأن الشفاعة لا تكون إلا في زيادة التفضل، وأهل التفضل وزيادته إنما هم أهل الثواب، بدليل قوله تعالى: ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ١٧٣]، وعن الحسن: والله ما يكون لهم شفيع البتة. فإن قلت: الغرض حاصل بذكر الشفيع ونفيه، فما الفائدة في ذكر هذه الصفة ونفيها؟ قلت: في ذكرها فائدة جليلة؛ وهي أنها ضمت إليه؛ ليقام انتفاء الموصوف مقام الشاهد على انتفاء الصفة؛ لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها، فيكون ذلك إزالة لتوهم وجود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من قبل أن الشفعاء هم أولياء الله)، يعني: الواجب أن ينفي الشافع والطاعة، لا أن هناك شافعًا غير مطاع؛ إذ ليس للظالمين شافع البتة؛ لأن الشفعاء أولياء الله، والأولياء لا يشفعون للظالمين، والتعريف في "الظالمين" عنده للجنس، وعندنا للعهد؛ لأن "الظالمين" من وضع المظهر موضع المضمر والمراد بهم "المنذرين" في قوله: ﴿وأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ﴾.
قوله: (ليقام انتفاء الموصوف في مقام الشاهد على انتفاء الصفة)؛ لأن الصفة لا تتأتى بدون موصوفها قال صاحب "التقريب". وإنما لم يقتصر على نفي الشفيع؛ لأن المقصود نفي كونه مشفعًا، لا نفي ذات الشفيع، وإن كان الثاني دليلًا على الأول ومستلزمًا له، فأراد ذكر المقصود مع الاستشهاد عليه، كقول من عوتب على العقود عن الغزو: ما لي فرس أركبه. أي: لا يمكنني الركوب لعدم الفرس، فكذا لا يمكن التشفيع لعدم الشفيع، فذكر المقصود والدليل عليه - وهو التقرير - أظهر مما في الأصل.
وقال والده صاحب "التهذيب": حاصل كلام الزمخشري أنه استدل بعدم الموصوف