مصاحف أهل الشام. ﴿وآثَارًا﴾: يريد حصونهم وقصورهم وعددهم، وما يوصف بالشدة من آثارهم. أو أراد: وأكثر آثارًا كقوله:
متقلدًا سيفًا ورمحا
[﴿ولَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (٢٣) إلَى فِرْعَوْنَ وهَامَانَ وقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ واسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ومَا كَيْدُ الكَافِرِينَ إلاَّ فِي ضَلال﴾ ٢٣ - ٢٥]
﴿وسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾: وحجة ظاهرة؛ وهي المعجزات، فقالوا: هو ساحر كذاب، فسموا السلطان المبين سحرًا وكذابًا، ﴿فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ﴾: بالنبوة. فإن قلت: أما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما يوصف بالشدة من آثارهم)، الراغب: أثر الشيء: حصول ما يدل على وجوده. يقال: أثر وإثر، والجمع: الآثار. ويقال للطريق المستدل به على تقديم أشخاص: آثار. وأثرت العلم: رويته، آثره أثرًا وأثارة وأثرة. وأصله: تتبعت أثره، قال تعالى: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ [الأحقاف: ٤]، وقرئ: "أثرة"، وهو ما يروى ويكتب فيبقى له أثر. والمآثر: ما يروى من مكارم الإنسان. ويستعار الأثر للفضل، والإيثار للتفضل، ومنه قولهم: آثرته، وقوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ [الحشر: ٩] والاستئثار: التفرد بالشيء من دون غيره. وفي الحديث: "سكتون بعدي أثرة"أي: يستأثر بعضكم على بعض.
قوله: (أو أراد: وأكثر آثارًا)، فعلى الأول ﴿وآثَارًا﴾ عطف على ﴿قُوَّةً﴾، فتختص الآثار بما فيه قوة وشدة، وعلى الثاني عطف على ﴿أَشَدَّ﴾ على تقدير أكثر مطلقًا، سواء كانت الآثار قوية أو لا.