فالتزمه من ورائه، وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ﴾؟ ! رافعًا صوته بذلك، وعيناه تسفحان، حتى أرسلوه. وعن جعفر الصادق: أن مؤمن آل فرعون قال ذلك سرًا، وأبو بكر قاله ظاهرًا.
[﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ اليَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَاسِ اللَّهِ إن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ ٢٩]
﴿ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ﴾: في أرض مصر عالين فيها على بني إسرائيل، يعني: أن لكم ملك مصر، وقد علوتم الناس، وقهرتموهم، فلا تفسدوا أمركم على أنفسكم، ولا تتعرضوا لبأس الله وعذابه، فإنه لا قبل لكم به إن جاءكم، ولا يمنعكم منه أحد. وقال: ﴿يَنصُرُنَا﴾ و: ﴿جَاءَنَا﴾؛ لأنه منهم في القرابة؛ ؛ وليعلمهم بأن الذي ينصحهم به هو مساهم لهم فيه. ﴿مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى﴾ أي: ما أشير عليكم برأي إلا بما أرى من قتله، يعني: لا أستصوب إلا قتله، وهذا الذي تقولونه غير صواب، ﴿ومَا أَهْدِيكُمْ﴾ بهذا الرأي ﴿إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ يريد: سبيل الصواب والصلاح. أو ما أعلمكم إلا ما أعلم من الصواب، ولا أدخر منه شيئًا، ولا أسر عنكم خلاف ما أظهر يعني: أن لسانه وقلبه متواطئان على ما يقول، وقد كذب؛ فقد كان مستشعرًا للخوف الشديد من جهة موسى، ولكنه كان يتجلد، ولولا استشعاره لم يستشر أحدًا ولم يقف الأمر على الإشارة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((فإنه لا قبل لكم به)، الراغب: قبل فلان: أي عند فلان. قال تعالى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ [الحاقة: ٩]، ويستعار للقوة والقدرة على المقابلة، أي: المجازاة، فيقال: لا قبل لي بكذا، أي: لا يمكنني أن أقابله.