وقرئ: (الرشاد)؛ فعال من: رشد؛ بالكسر، كعلام، أو من: رشد بالفتح كعباد، وقيل: هو من أرشد كجبار من أجبر. وليس بذاك؛ لأن فعالًا من أفعل لم يجئ إلا في عدة أحرف، نحو: دراك وسار وقصار وجبار، ولا يصح القياس على القليل. ويجوز أن يكون نسبة إلى الرشد، كعواج وبتات، غير منظور فيه إلى فعل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ "الرشاد")، قال ابن جني: قرأه معاذ بن جبل على المنبر، وهو إما من: رشد يرشد، كعلام؛ من: علم يعلم، أو من: رشد يرشد، كعباد؛ من: عبد يعبد. ولا يحمل على: أرشد يرشد؛ لأن فعالًا لم يأت من أفعل إلا [في أحرف] محفوظة، نحو: أجبر فهو جبار، وأسأر فهو سار، وأقصر فهو قصار، وأدرك فهو دراك، على أنهم قالوا: جبره على الأمر، وقصر عن الأمر. وينبغي أن يكون جبار وقصار من فعل، فكذا ينبغي أن يعتقد في سار ودراك على أنهما خرجا بحرف الزيادة فصارا إلى سار ودراك تقديرًا، وإن لم يخرجا إلى اللفظ استعمالًا، كما قالوا: أبقل المكان فهو باقل، وأورس الرمث فهو وارس، وقالوا: ألقحت الريح السحاب وهي لاقح. وهذا على حذف همزة "أفعل"، وإنما قياسه "ملقح"، فعلى هذا خرج الرشاد، أي: رشد بمعنى: أرشد، تقديرًا لا استعمالًا.
فإن قيل: فإن المعنى إنما هو على أرشد، فكيف أجزت لأن يكون مجيئه من: رشد أو رشد، في معنى: أرشد، وأنه ليس من لفظ: أرشد؟
قيل: المعنى راجع إلى أنه مرشد؛ لأنه إذا رشد أرشد؛ لأن الإرشاد من: الرشد فهو من باب الاكتفاء بذكر السبب عن المسبب، وعليه قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢]، أنها من لقحت هي، وإذا لقحت ألقحت غيرها.
قوله: (كعواج وبتات)، أي: بياع العاج وبياع البت وهو الطيلسان من خز أو صوف.


الصفحة التالية
Icon