[﴿وقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ * مِثْلَ دَابِ قَوْمِ نُوحٍ وعَادٍ وثَمُودَ والَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ومَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ﴾ ٣٠ - ٣١]
﴿مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ﴾: مثل أيامهم؛ لأنه لما أضافه إلى الأحزاب وفسرهم بقوم نوح وعاد وثمود، ولم يلبس أن كل حزب منهم كان له يوم دمار؛ اقتصر على الواحد من الجمع؛ لأن المضاف إليه أغنى عن ذلك، كقوله:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
وقال الزجاج: مثل يوم حزب حزب. ودأب هؤلاء: دؤوبهم في عملهم من الكفر والتكذيب وسائر المعاصي، وكون ذلك دائبًا دائمًا منهم لا يفترون عنه. ولابد من حذف مضاف، ويريد: مثل جزاء دأبهم. فإن قلت: بم انتصب ﴿مِّثْلَ﴾ الثاني؟ قلت: بأنه عطف بيان لـ ﴿مِّثْلَ﴾ الأول؛ لأن آخر ما تناولته الإضافة "قوم نوح"، ولو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأنه أضافه إلى الأحزاب)، يعني: لابد من تقدير جمع اليوم؛ لأن الأحزاب لم يهلكوا مرة واحدة في يوم واحد، وإنما هلك كل حزب في يوم مختص به، لكن لما جاء بالتفصيل بعد الإفراد -وهو قوم نوح وعاد وثمود- قيل: ﴿يَوْمِ﴾ لأنه لم يلبس.
قوله: (يوم حزب حزب)، عن بعضهم: أفرد الحزب كما جمع اليوم في الأول، كما هو عادته من رد الأول إلى الثاني، أو العكس.
قوله: (وكون ذلك دائبًا دائمًا)، عطف تفسيري على قوله: "دؤوبهم"، و"ذلك" إشارة إلى الكفر والتكذيب وسائر المعاصي.
قوله: (ولابد من حذف مضاف) لأن ﴿مِّثْلَ﴾ الثاني عطف بيان للمثل الأول، وقد ذكر فيه اليوم وهو دال على الهلاك لجزاء أعمالهم، وغليه أشار بقوله: "إن كل حزب منهم كان له يوم دمار".
قوله (لأن آخر ما تناولته الإضافة قوم نوح)، أضاف ﴿مِّثْلَ﴾ إلى ﴿دَابِ﴾ ثم إلى ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ وهو آخر ما تناولته الإضافة.


الصفحة التالية
Icon