فالمسافة المتوسطة لجهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها. فإن قلت: هلا قيل: على قلوبنا أكنة، كما قيل: ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾، ليكون الكلام على نمط واحد!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راحت مشرقة ورحت مغربًا.... وأنى التقاء مشرق ومغرب؟
ومن حرم مراعاة حسن النظم خبط خبط عشواء، وجعل في كلام الملك العلام فضلات. وقد استحسن الإمام كلام المصنف كل الاستحسان. وقال صاحب "التقريب": وفي تقريره نظر؛ لأن البين إذا فسر بالوسط و"من" للابتداء فيكون الابتداء من الوسط لا من الطرف، فلا يلزم استيعاب الوسط، ولعله لم يرد بالوسط حاق الوسط بل المسافة المتوسطة بينهما، فصح ما ذكره. تم كلامه.
قوله: (هلا قيل: على قلوبنا أكنة) يعني أن المطابقة بين القرائن فلم قدم الجار في الثانية وأخره في الأولى؟ وأجاب: أن المطابقة حاصلة من حيث المعنى؛ لأن المظروف كما هو مستقر في الظرف، الظرف أيضًا مشتمل عليه، فإذن معنى قوله: ﴿قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ﴾ [فصلت: ٥] وقوله: "على قلوبنا أكنة" واحد، فجاء التطابق.
قال صاحب "الفرائد": الفرق بين الصورتين بين؛ لأن الأولى تفيد استيعاب الأكنة القلوب؛ لأن الأكنة لا بد من تجاوز أطرافها على المظروف فكأنهم قالوا: الأكنة محتوية على القلوب ساترة من جميع جوانبها. ولا كذلك الثاني؛ لأن الأكنة حينئذ ساتر سطحها فلا يلزم من هذه الاحتواء من كل جانب.
وقلت: إنما يتفاوت هذا بتفاوت الظرف، فإن الظرف إذا كان كنًا لا بد من ستر المظروف من كل جانب على أن "على" أبلغ لمعنى الاستعلاء ومغلوبية المظروف والإيذان بأن ليس للوصول إليه سبيل، على أن للقول فيه مجالًا، وهو أنه لو قيل: "على قلوبنا أكنة" كما في تلك الآية: ﴿وَفِي آذانِنا وَقْرٌ﴾ لم يحصل التطابق في معنى الاستقراء وجعل أحدهما ظرفًا والآخر مظروفًا. ولو قيل: "على آذاننا وقر" لم يكن بتلك المبالغة؛ لأن المراد