قلت: هو على نمط واحد؛ لأنه لا فرق في المعنى بين قولك: قلوبنا في أكنة، وعلى قلوبنا أكنة، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾ [الكهف: ٥٧]، ولو قيل: إنا جعلنا قلوبهم في أكنة: لم يختلف المعنى، وترى المطابيع منهم لا يراعون الطباق والملاحظة إلا في المعاني.
[﴿قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ﴾ ٦ - ٧]
فإن قلت: من أين كان قوله: ﴿إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ﴾ جوابًا لقولهم: ﴿قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ﴾؟ قلت: من حيث أنه قال لهم: إني لست بملك، وإنما أنا بشر مثلكم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الأصمخة قد سدت فلا يدخل فيها الهواء فضلًا عن الكلام. وأما معنى "على" في تلك الآية فلإرادة معنى الاستعلاء والقهر من الله تعالى، والله أعلم.
قوله: (ترى المطابيع)، الأساس: وهو مطبوع على الكرم، وقد طبع على الخلاق المحمودة، وهذا كلام عليه طابع الفصاحة، وعن بعضهم: المطابيع، جمع مطبوع، وهو الذي طبع على العربية. وقيل: هو الذي طبع على الكيوسة.
قوله: (من حيث أنه قال لهم: إني لست بملك، وإنما أنا بشر مثلكم)، قال صاحب الفرائد": لم لزم أن يكون هذا جوابًا لقولهم؟ إذ قولهم لا يقتضي أن يكون له جواب، وإنما يشعر هذا بأن قيل له صلى الله عليه وسلم: لا تتركهم بما ذكروا إنا لا نسمع ما تذكر، ومرادهم مما قالوا أن نتركهم وما يدينون وما يفعلون، سلمنا أنه جواب، لكن المراد منه: إني بشر فلا أقدر أن أخرج قلوبكم من الأكنة وأرفع الحجاب من البين، والوقر من الآذان، ولكن أوحي إلي وأمرت بتبليغ ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ هذا ينظر إلى قول الإمام كأنه قال: إني لا أقدر أن أحملكم على الإيمان جبرًا وقهرًا، فإني بشر مثلكم ولا امتياز بيني وبينكم إلا أني مخبر