ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والقسري، ولما دق هذا على الأفهام غلت القدرية فاعتقدوا أن العبد فعال لما يريد، وحارت الجبرية فاعتقدت أن لا قدرة للعبد ولا اختيار".
قوله: "بل اعتقدوا أن مشيئتهم تغلب مشيئة ربهم": يدل عليه قول المصنف بعد في تفسير قوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الزخزف: ٤٨]: "إرادة الله تعالى غيره: ليس إلا أن يأمره به ويطلب منه إيجاده، فإن كان ذلك على سبيل القسر وجد، وإلا دار بين أن يوجد وأن لا يوجد على حسب اختيار المكلف".
قلت- وبالله التوفيق-: المقصود من إيراد أقوال الأئمة- شكر الله سعيهم- إظهار ما ينطبق عليه المقام من المعنى، فإن التلفيق بين هذه الآيات من المعضلات، فالواجب علينا أن نبين أولًا مواقع التراكيب في الآيات الست؛ من قوله: ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ إلى قوله: ﴿إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾: أما مواقع التراكيب بحسب الحل: فإن قوله: ﴿وجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا﴾ عطف على قوله: ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ وهما الكفرتان، والاستفهام الأول- وهو قوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ﴾ - توبيخ متوجه إلى الكفرة الأولى، وهي ﴿وجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾، ﴿وإذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنْثَى﴾ اعتراض- كما مر- أو حال مفعول ﴿اتَّخَذَ﴾ أو فاعل ﴿جَعَلُوا﴾ المقدم: مقررة لجهة الإشكال، وينصره قوله: "إنهم نسبوا إليه هذا الجنس، ومن حالهم: أن أحدهم إذا قيل له: "قد ولدت لك بنت" اغتم"، والاستفهام في قوله: ﴿أَشَهِدُوا﴾ توبيخ متوجه إلى الكفرة الثانية، وهي قوله: ﴿وجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا﴾.
وقوله: ﴿وقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم﴾ كفرة أخرى؛ لكن على منوال آخر غير الأوليين،


الصفحة التالية
Icon