فإن قلت: معيشتهم: ما يعيشون به من المنافع، ومنهم من يعيش بالحلال، ومنهم من يعيش بالحرام، فإذن قد قسم الله تعالى الحرام كما قسم الحلال؟ قلت: الله تعالى قسم لكل عبد معيشته -وهي مطاعمه ومشاربه وما يصلحه من المنافع- وأذن له في تناولها، ولكن شرط عليه وكلفه أن يسلك في تناولها الطريق التي شرعها، فإذا سلكها فقد تناول قسمته من المعيشة حلالًا، وسماها: رزق الله، وإذا لم يسلكها تناولها حرامًا، وليس له أن يسميها رزق الله، فالله تعالى قاسم المعايش والمنافع، ولكن العباد هم الذين يكسبونها صفة الحرمة بسوء تناولهم، وهو عدولهم فيه عما شرعه الله إلى ما لم يشرعه.
[﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوابًا وَسُرُرًا عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ٣٣ - ٣٥]
﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ بدل اشتمال من قوله: ﴿لِمَنْ يَكْفُرُ﴾، ويجوز أن يكونا بمنزلة اللامين في قولك: وهبت له ثوبًا لقميصه.
وقرئ: "سقفًا"، بفتح السين وسكون القاف، وبضمها وسكون القاف، وبضمها -جمع سقف، كرهن ورهن ورهن. وعن الفراء: جمع سقيفة-، وسقفًا بفتحتين؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الله تعالى قسم لكل عبد معيشته): أجاب بما يؤدي أن يكون النزاع لفظيًا، الانتصاف: "الرزق عند أهل السنة: ما تقوم به البينة، حرامًا كان أو حلالًا".
قوله: (ثوبًا لقميصه): أي: لأجل قميصه، والمعنى: سقفًا لأجل بيوتهم، وقال الزجاج: اللام بمعنى: على، أي: سقفًا على بيوتهم.
قوله: (وقرئ: "سقفًا"): ابن كثير وأبو عمرو: بفتح السين وإسكان القاف على التوحيد، والباقون: بضمهما على الجمع.


الصفحة التالية
Icon