الثالث عشر من شعبان في أمّته، فأعطي الثلث منها، ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين، ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع، إلا من شرد عن الله شراد البعير.
ومن عادة الله في هذه الليلة: أن يزيد فيها ماء زمزم زيادة ظاهرة.
والقول الأكثر: أنّ المراد بالليلة المباركة: ليلة القدر، لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]، ولمطابقة قوله: ﴿فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ لقوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٤ - ٥]، وقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وليلة القدر في أكثر الأقاويل في شهر رمضان.
فإن قلت: ما معى إنزال القرآن في هذه الليلة؟ قلت: قالوا أنزل جملة واحدة من السماء السابعة إلى سماء الدنيا، وأمر السفرة الكرام بانتساخه في ليلة القدر، وكان جبريل عليه السلام ينزله على رسول الله ﷺ نجومًا نجومًا.
فإن قلت: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾: ما موقع هاتين الجملتين؟ قلت: هما جملتان مستأنفتان ملفوفتان، فسر بهما جواب القسم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قالوا: أنزل جملةً واحدة): روى محيي السنة عن قتادة وابن زيد: "هي ليلة القدر، أنزل الله تعالى القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل عليه السلام نجومًا في عشرين سنة".
قوله: (ملفوفتان): وهو نوع غريب من اللف والنشر، لف أولًا في قوله: ﴿إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾ معنيين: إنزال القرآن، واختصاصه بليلة مباركة، ثم علل المعنى الأول بقوله: ﴿إنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾، والمعنى الثاني بقوله: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، ولما كان المعنى الثاني