والقمر، والبطشة، واللزام. ويروى أنه قيل لابن مسعود: إن قاصًا عند أبواب كندة يقول: إنه دخان يأتي يوم القيامة، فيأخذ بأنفاس الخلق، فقال: من علم علمًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من علم الرجل أن يقول لشيء لا يعلمه: الله أعلم، ثم قال: ألا وسأحدّثكم، أنّ قريشًا لما استعصت على رسول الله ﷺ دعا عليهم، فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف»، فأصابهم الجهد، حتى أكلوا الجيف والعلهز، وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان، وكان يحدّث الرجل، فيسمع كلامه ولا يراه من الدخان، فمشى إليه أبو سفيان ونفر معه، وناشدوه الله والرحم، وواعدوه إن دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا، فلما كشف عنهم رجعوا إلى شركهم.
﴿بِدُخانٍ مُبِينٍ﴾ ظاهر حاله لا يشك أحد في أنه دخان.
﴿يَغْشَى النَّاسَ﴾ يشملهم ويلبسهم، وهو في محل الجر صفة لـ"دخان". و ﴿هَذَا عَذابٌ﴾ إلى قوله: ﴿مُؤْمِنُونَ﴾ منصوب المحل بفعل مضمر، وهو: يقولون، و"يقولون" منصوب على الحال، أي: قائلين ذلك، ﴿إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾ موعدة بالإيمان إن كشف عنهم العذاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (واللزام): اللزام: فسر بأنه يوم بدر، وهو في اللغة: الملازمة للشيء والمداومة عليه.
و"اشدد وطأتك على مضر": أي: خذهم أخذًا شديدًا. والوطء في الأصل: الدوس بالقدم، فسمي به في الغزو والقتل، لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته. و"العلهز": شيء يتخذونه في المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الإبل، ثم يشوونه بالنار ويأكلونه، وقيل: كانوا يخلطون فيه القردان، والعلهز: القراد الضخم، وقيل: العلهز: شيء ينبت له أصل كأصل البردي. كله في"النهاية".