ورفعها بإضمار "هي".
وقرئ: "واختلاف الليل والنهار" بالرفع، وقرئ: "آية"، وكذلك: "وما يبث من دابة آية". وقرئ: "وتصريف الريح"، والمعنى: إنّ المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض النظر الصحيح: علموا أنها مصنوعة، وأنه لا بدّ لها من صانع، فآمنوا بالله وأقرّوا، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال، وهيئة إلى هيئة، وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان: ازدادوا إيمانًا وأيقنوا، وانتفى عنهم اللبس، فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدّد في كل وقت -كاختلاف الليل والنهار، ونزول الأمطار، وحياة الأرض بها بعد موتها، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ جنوبًا وشمالًا، وقبولًا ودبورًا-: عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم.
وسمي المطر رزقًا، لأنه سبب الرزق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ورفعها): عطف على قوله: "أن ينتصب"، فكان انتصابها على الاختصاص، ورفعها بإضمار "هي"، وهو أيضًا مدح، قال أبو البقاء: "ويقرأ بالرفع على التوكيد أيضًا".
وقوله: (والمعنى: أن المنصفين): أراد به المعنى البياني، يعني بالبيان: ترتيب ما قدمت وما وسطت وما أخرت.
قوله: (إذا نظروا في السماوات): أعلم أنه جعل نتيجة النظر في السماوات والأرض: الإيمان، ونتيجة النظر في الأنفس وأحوالها: الازدياد في الإيمان، ونتيجة النظر في سائر الحوادث: الإخلاص في اليقين الذي هو الزيادة في الإيمان، هذه طريقة السلوك والترقي.
وقال الراغب في "درة التنزيل": "ما تقدم من الآيات يدل على قادر لا يشبهه قادر، فمن وفى النظر في ذلك أداه إلى الإيمان بالله تعالى، [فلذلك قال: ﴿لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، فخصهم لانتفاعهم بها]، وإن كانت الآيات منصوبةً لهم ولغيرهم، فحين لم ينتفع الغير كأنها لم تكن