﴿أَمْ﴾ منقطعة، ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان، والاجتراح: الاكتساب. ومنه: الجوارح، وفلان جارحة أهله، أي: كاسبهم، ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ﴾ أي: نصيرهم، وهو من "جعل" المتعدي إلى مفعولين، فأوّلهما: الضمير، والثاني: الكاف، والجملة -التي هي (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) - بدل من الكاف؛ لأنّ الجملة تقع مفعولًا ثانيًا، فكانت في حكم المفرد، ألا تراك لو قلت: أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم، كان سديدًا، كما تقول: ظننت زبدًا أبوه منطلق.
ومن قرأ: ﴿سَواءً﴾ بالنصب: أجرى "سواء" مجرى مستويًا، وارتفع ﴿مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ على الفاعلية، وكان مفردًا غير جملة، ومن قرأ: "ومماتهم" بالنصب: جعل "محياهم ومماتهم": ظرفين، كمقدم الحاج وخفوق النجم، أي: سواء في محياهم وفي مماتهم.
والمعنى: إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيًا، وأن يستووا مماتًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والجملة - التي هي "سواء محياهم ومماتهم"- بدل من الكاف): وقلت: الضميران في "محياهم" و "مماتهم" للكافرين وللمؤمنين جميعًا، قال مكي: " (سواء محياهم ومماتهم) مستو في البعد من رحمة الله، والضميران للكفار والمؤمنين، ويبعد عند سيبويه رفع ﴿مَّحْيَاهُمْ ومَمَاتُهُمْ﴾ بـ (سواء)، لأنه ليس باسم فاعل ولا مشبه به، وإنما هو مصدر".
قوله: (ومن قرأ ﴿سَوَاءً﴾ بالنصب): حفص وحمزة والكسائي، والباقون: بالرفع. قال مكي: "على هذا: ﴿سَوَاءً﴾ حال من الضمير في ﴿نَّجْعَلَهُمْ﴾، ويرفع ﴿مَّحْيَاهُمْ ومَمَاتُهُمْ﴾ به، لأنه بمعنى: مستو، والمفعول الثاني لـ "جعل": الكاف في ﴿كَالَّذِينَ﴾، والضميران يعودان على الكفار والمؤمنين".