أو على معلل محذوف، تقديره: خلق الله السماوات والأرض، ليدل به على قدرته ولتجزى كل نفس.
[﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ ٢٣]
﴿مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ﴾ أي: هو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه، فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه. وقرئ: "آلهة هواه"، لأنه كان يستحسن الحجر فيعبده، فإذا رأى ما هو أحسن رفضه إليه، فكأنه اتخذ هواه آلهة شتى، يعبد كل وقت واحدًا منها،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكون خلقها حقًا "أو على معلل محذوف"، ولو قال: "على علة محذوفة" كان أولى، لأن المقدر هو قوله: "ليدل بها على قدرته". ولقائل أن قوله: "ليدل بها على قدرته": معنى ﴿بِالْحَقِّ﴾ وبيان للوجه الأول، وأما بيان الوجه الثاني: فهو أن يقال: "ولتجزى كل نفس بما كسبت فعل ذلك"، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩١]، وقيل: أراد بـ"المعلل": التعليل، فيكون المعلل مصدرًا ميميًا، قال القاضي: " ﴿وخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ كأنه دليل على الحكم السابق، من حيث أن خلق ذلك بالحق المقتضي للعدل يستدعي انتصار المظلوم من الظالم، والتفاوت بين المسيء والمحسن، وإذا لم يكن في المحيا كان بعد الممات".
قوله: (لأنه كان يستحسن الحجر فيعبده): وفي "التيسير": كانوا في الجاهلية يعبدون ما يستحسنونه، فإذا استحسنوا غيره تركوا الأول، وعبدوا الثاني، فإنما كان أحد يعبد ما يهواه، فعلى هذا يكون "الهوى" مصدرًا بمعنى المفعول، أي: يجعل إلهه مهويه، كقولك: فلان رجائي، أي: مرجوي.