﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ﴾ وتركه عن الهداية واللطف وخذله، ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ عالما بأنّ ذلك لا يجدي عليه، وأنه ممن لا لطف له، أو مع علمه بوجوه الهداية وإحاطته بأنواع الألطاف المحصلة والمقرّبة، ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ﴾ إضلال ﴿اللَّهُ﴾؟ !
وقرئ: ﴿غِشَاوَةً﴾ بالحركات الثلاث، و"غشوة" بالكسر والفتح، وقرئ: "تتذكرون".
[﴿وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ ٢٤]
﴿نَمُوتُ وَنَحْيا﴾ نموت نحن ويحيا أولادنا، أو يموت بعض ويحيا بعض، أو نكون مواتًا نطفًا في الأصلاب، ونحيا بعد ذلك، أو يصيبنا الأمران: الموت والحياة، يريدون: الحياة في الدنيا والموت بعدها، وليس وراء ذلك حياة. وقرئ: "نحيا"، بضم النون، وقرئ: "إلا دهر يمرّ".
وما يقولون ذلك عن علم، ولكن عن ظنّ وتخمين، كانوا يزعمون أنّ مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس، وينكرون ملك الموت وقبضه الأرواح بأمر الله، وكانوا يضيفون كل حادثة تحدث إلى الدهر والزمان،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الألطاف المحصلة والمقربة): مضى تفسيرها في أول البقرة.
قوله: (وقرئ: ﴿غِشَاوَةً﴾ بالحركات الثلاث): حمزة والكسائي: بفتح الغين وإسكان الشين، والباقون: بكسر الغين وفتح الشين وألف بعدها.
قوله: (كانوا يزعمون أن مرور الأيام والليالي هو المؤثر): هذا تفسير الدهر. قال القاضي: "الدهر: مرور الزمان، والأصل: مدة بقاء العالم". الراغب: "الدهر في الأصل: اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه، واستعير للعادة الباقية مدة الحياة، فقيل: ما دهري بكذا".