فإن قلت: كيف وقع قوله: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ﴾ جوابًا لقولهم: ﴿ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾؟ قلت: لما أنكروا البعث، وكذبوا الرسل، وحسبوا أنّ ما قالوه قول مبكت: ألزموا ما هو مقرّون به من أنّ الله عز وجل هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به إن أنصفوا وأصغوا إلى داعى الحق، وهو جمعهم إلى يوم القيامة، ومن كان قادرًا على ذلك كان قادرُا على الإتيان بآبائهم، وكان أهون شيء عليه.
[﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ ٢٧ - ٣١]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبلدة ليس بها أنيس.... إلا اليعافير وإلا العيس
يعني: ليس لهم حجة البتة، إذ لو كانت لهم حجة كانت هذه، وهذه ليست بحجة، بل هي استبعاد وعناد، فإذن ليست لهم حجة البتة.
قوله: (ألزموا ما هم مقرون به): يعني: لما لم يكن لهم حجة عند إيراد الآيات البينات لإثبات الحشر إلا قولهم: "ائتوا بآبائنا" عنادًا، قيل لهم ذلك لأنهم مقرون بأنه المحيي والمميت.