ليفاد إثبات الظن مع نفى ما سواه، وزيد نفي ما سوى الظن توكيدًا بقوله: ﴿وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾.
﴿سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا﴾ أي: قبائح أعمالهم، أو عقوبات أعمالهم السيئات، كقوله تعالى: ﴿وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ [الشورى: ٤٥].
[﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَاواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ * ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ ٣٤ - ٣٥]
﴿نَنْساكُمْ﴾ نترككم في العذاب كما تركتم عدة لِقاءَ ﴿يَوْمِكُمْ هذا﴾،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما معنى جواب المصنف: فإنه جعل أصل الكلام: نظن ظنًا، ثم زيد أداة الحصر لمزيد التأكيد، وإثبات الظن ونفي ما سواه للمبالغة، لا ليرد ب"ما" و"إلا" إنكار المنكر كما هو مقتضاهما، ولذلك أكد بقوله: ﴿ومَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾. ونحوه مجيء"إن" في قولنا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا﴾ [آل عمران: ١٦]، فإنها لمجرد التوكيد، ثم بسط الكلام لا لنفي الشك ورد الإنكار كما عليه موضوعها.
فإذن مورد التركيبين واحد، ولم يتغاير سوى التوكيد، وأما معنى قوله: "وزيد نفي ما سوى الظن توكيدًا": فهو ﴿إن نَّظُنُّ إلاَّ ظَنًا﴾ لما دل بمفهومه [على] نفي سوى الظن، وهو اليقين، أكد بمنطوق قوله: ﴿ومَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ ذلك المفهوم، فيكون من باب الطرد والعكس.
قوله: (أو عقوبات أعمالهم): أي: وضع"السيئات" التي هي أسباب العقوبات موضع مسبباتها، فلا يكون الاستشهاد بقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٥] لجهة المشاكلة، إذ ليس في الكلام ما يذكر في صحبته: السيئات المراد بها العقوبات.


الصفحة التالية
Icon