الذي لا بد لكل خلق من انتهائه إليه مُعْرِضُونَ لا يؤمنون به، ولا يهتمون بالاستعداد له. ويجوز أن تكون "ما" مصدرية، أي: عن إنذارهم ذلك اليوم.
[﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ٤]
﴿بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا﴾ أي: من قبل هذا الكتاب، وهو القرآن، يعني: أنّ هذا الكتاب ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك، وما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله إلا وهو ناطق بمثل ذلك، فأتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله، ﴿أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأوّلين؛ من قولهم: سمنت الناقة على أثارة من شحم، أي: على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب.
وقرئ: "أثرة"، أي: من شيء أوثرتم به وخصصتم من علم لا إحاطة به لغيركم. وقرئ: "أثرة" بالحركات الثلاث في الهمزة مع سكون الثاء، فالإثرة -بالكسر- بمعنى: الأثرة، وأما الأثرة: فالمرّة من مصدر: أثر الحديث: إذا رواه، وأما الأثرة -بالضم- فاسم ما يؤثر، كالخطبة: اسم ما يخطب به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإبطال الشرك): قال القاضي: "وتخصيص الشرك بالسماوات احتراز عما يتوهم أن للوسائط شركة في إيجاد الحوادث السفلية".
قوله: (وقرئ: "أثرة"): وفي أكثر النسخ: "قرأ علي: أثرة، ولا وجه لها"، وفي "الكواشي" أيضًا: "وقرئ: "أثرة" بفتح الهمزة والثاء"، وفي "المحتسب": "قرأ ابن عباس- بخلاف- وعكرمة وقتادة وعمرو بن ميمون: "أو أثرة من علم" بغير ألف، وقرأ علي رضي الله عنه والسلمي: "أو أثرة" ساكنة الثاء".


الصفحة التالية
Icon