﴿وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ * وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ٦ - ٧]
﴿بَيِّناتٍ﴾ جمع بينة، وهي الحجة والشاهد، أو واضحات مبينات، واللام في ﴿لِلْحَقِّ﴾ مثلها في قوله: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْرًا﴾ [الأحقاف: ١١]، أي: لأجل الحق، ولأجل الذين آمنوا، والمراد بالحق: الآيات، وبالذين كفروا: المتلو عليهم، فوضع الظاهران موضع الضميرين؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وللمتلوّ بالحق، ﴿لَمَّا جاءَهُمْ﴾ أي: بادهوه بالجحود ساعة أتاهم، وأوّل ما سمعوه من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر، ومن عنادهم وظلمهم: أنهم سموه سحرًا مبينًا ظاهرًا أمره في البطلان لا شبهة فيه.
[﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ٨]
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ﴾ إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحرًا إلى ذكر قولهم: إن محمدًا افتراه. ومعنى الهمزة في ﴿أَمْ﴾: الإنكار والتعجيب، كأنه قيل: دع هذا واسمع قولهم المستنكر المقضي منه العجب،....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كأنه قيل: دع هذا واسمع قولهم المستنكر): الانتصاف: "هذا الإضراب مثل الغاية التي ذكرها لكونها أزيد من الأول، فنزلت لزيادتها عليها كالمنافية لها، إذ تكذيب الآيات أبلغ من قولهم: إنها سحر، والغاية هي التي ذكرها آنفًا في قوله: ﴿مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ﴾ ".
قوله: (المقضي منه العجب): قيل: يقال: يقضى منه: ينهى منه، أي: يبلغ النهاية؛ من: قضى حاجته، أو يفعل؛ من: قضيت كذا: إذا فعلته، أو يحكم منه بالعجب؛ من: قضيت كذا؛ أي: حكمت به.