﴿وَما أَدْرِي﴾ -لأنه لا علم لي بالغيب- ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان من أفعاله، ويقذر لي ولكم من قضاياه، ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ﴾، وعن الحسن: وما أدري ما يصير إليه أمري وأمركم في الدنيا، ومن الغالب منا والمغلوب. وعن الكلبي: قال له أصحابه -وقد ضجروا من أذى المشركين-: حتى متى نكون على هذا؟ فقال: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، أأترك بمكة أم أؤمر بالخروج إلى أرض قد رفعت لي ورأيتها- يعني: في منامه- ذات نخيل وشجر؟ ". وعن ابن عباس: ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة، وقال: هي منسوخة بقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢]، ويجوز أن يكون نفيًا للدراية المفصلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إلى أرض قد رفعت لي ورأيتها) إلى قوله: (ذات نخيل وشجر): والحديث من رواية البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قال النبي ﷺ للمسلمين بمكة: "إني أريت دار هجرتكم سبخةً ذات نخل بين لابتين، فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة من كان بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر رضي الله عنه قبل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي وأمي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر رضي الله عنه نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث.
الأساس: "رفعته لأمر كذا: قدمته إليه، ورفعت له غاية فسما إليها، قال بشر:
إذا ما المكرمات رفعن يومًا.... وقصر مبتغوها عن مداها
وضاقت أذرع المثرين عنها.... سما أوس إليها فاحتواها"
وقال غيره: رفع لي شخص ونار، أي: لاح لي ورأيته.
قوله: (نفيًا للدراية المفضلة): هذا ينصرف إلى تفسير ابن عباس، فلا تكون الآية منسوخة.