وقرئ: "ما يفعل"، بفتح الياء؛ أي: يفعل الله عز وجل.
فإن قلت: ﴿إنّ يُفْعَلُ﴾ مثبت غير منفي، فكان وجه الكلام: ما يفعل بي وبكم؟ قلت: أجل، ولكن النفي في ﴿وَمَا أَدْرِي﴾ لما كان مشتملًا عليه لتناوله "ما" وما في حيزه، صح ذلك وحسن، ألا ترى إلى قوله: ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ﴾ [الأحقاف: ٣٣]، كيف دخلت الياء في خبر "أنّ"، وذلك لتناول النفي إياها مع ما في حيزها.
و"ما" -في ﴿مَا يُفْعَلُ﴾ - يجوز أن تكون موصولة منصوبة، وأن تكون استفهامية مرفوعة، وقرئ: "يوحي"، أي: الله عز وجل.
[﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ١٠]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتصاف: "أجود ما قيل فيه: حمله على الدراية المفضلة"، وإن كان يدري أن مصيره إلى النعيم، ومصيرهم إلى العذاب.
قوله: (النفي في ﴿وَمَا أَدْرِي﴾ لما كان مشتملًا عليه لتناوله "ما" وما في حيزه، صح ذلك وحسن): الانتصاف: "بني على أن المجرور قد عطف على مثله، وأنهما جمعيًا في صلة موصول واحد، ولو قيل: المجرور الثاني من صلة موصول محذوف على مثله، أي: وما أدري ما يفعل بي ولا ما يفعل بكم، لم يفتقر إلى تأويل، وحذف الموصول وتفاصيله صحيح، قال:
فمن يهجو رسول الله منكم.... ويمدحه وينصره سواء
أي: أفمن يهجوه ومن ينصره سواء؟ ".


الصفحة التالية
Icon