ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأجاب: أن عاملها مقدر، وهو السبب في ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾، والتقدير: إذ لم يهتدوا ظهر عنادهم فسيقولون، وحذف عامل الظرف جائز، كما في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: ١٥]، قال أبو البقاء: "تقديره: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب عرفناه، لدلالة ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ عليه"، وكذا في قول الناس: حينئذ الآن، أي: كان ذلك حينئذ، واسمع الآن منه.
وقال الواحدي: "إذ: بمعنى "إن"، والمعنى: إن لم يصيبوا الهداية بالقرآن فسيقولون إنه كذب".
وقال ابن الحاجب في "الأمالي": "يجوز "إذ" أن تكون متضمنةً معنى الشرط؛ لدلالة الفاء بعدها، وكونها في معنى "إذا"، وحسن تعبيرها بها لدلالتها على تحقق ذلك؛ لكونها للماضي، ويجوز أن تكون معمولًا لقوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ باعتبار إرادة الاستمرار".
الانتصاف: "لم يمنع عمل ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ إلا الاستقبال، فلا مانع لأن الاستقبال إنما جاء للإشعار بدوام ما وقع، وأنهم حرفوا وقالوا: هذا أساطير، وإفك قديم، فمعناها: وقالوا إذ لم يهتدوا به: هذا إفك قديم، وداموا عليه؛ فعبر عن الوقع والدوام والاستقبال بالسين، كقول إبراهيم عليه السلام: ﴿إلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف: ٢٧]، وهذا طريق الجمع بين قوله: ﴿فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٧٨]، وبين قوله: ﴿سَيَهْدِينِ﴾ [الزخرف: ٢٧]، ولولا دخول الفاء على الفعل لتعين هذا، لكن الفاء دلت بسببيتها على محذوف هو السبب، وقطعت الفعل عن الظرف، فتعين ما ذكره الزمخشري لأجل الفاء، لا لأجل السين".


الصفحة التالية
Icon