وقد قرأ بعضهم: "أتعدانني" بفتح النون، كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء، ففتح الأولى تحريًا للتخفيف، كما تحراه من أدغم، ومن أطرح أحدهما، ﴿أَنْ أُخْرَجَ﴾ أن أبعث وأخرج من الأرض، وقرئ: "أخرج".
﴿وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي﴾ يعني: ولم يبعث منهم أحد، ﴿يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ﴾ يقولان: الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله، ﴿وَيْلَكَ﴾ دعاء عليه بالثبور، والمراد به الحث والتحريض على الإيمان، لا حقيقة الهلاك.
﴿فِي أُمَمٍ﴾: نحو قوله: ﴿فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ﴾ [الأحقاف: ١٦]. وقرئ: "أن"، بالفتح، على معنى: آمن بأن وعد الله حق.
[﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ ١٩]
﴿وَلِكُلٍّ﴾ من الجنسين المذكورين ﴿دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ أي: منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منهما. فإن قلت: كيف قيل: ﴿دَرَجَاتٌ﴾، وقد جاء: "الجنة درجات، والنار دركات"؟ قلت: يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب؛ لاشتمال "كل" على الفريقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسكنت الياء، وإن شئت فتحتها، ورويت عن بعضهم: "أتعدانني" بالفتح، وذلك لحن لا وجه له، فلا تقرأن به؛ لأن فتح نون الاثنين خطأ، وإن حكي في شذوذ، فلا تحمل القراءة على الشذوذ".
قوله: (﴿وَيْلَكَ﴾ دعاء عليه بالثبور، والمراد به الحث): قالوا: الويل: بمعنى الهلاك، ودلالته على الحث على الفعل من حيث أن فيه إشعارًا بأن ما هو مرتكب له: حقيق بأن يهلك مرتكبه، وأن يطلب له الهلاك، فإذا سمع ذلك كان باعثًا على تركه.
قوله: (على وجه التغليب؛ لاشتمال "كل" على الفريقين): جعل مصحح التغليب لفظ


الصفحة التالية
Icon