﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾ في الضمير وجهان: أن يرجع إلى ﴿مَا تَعِدُنَا﴾، وأن يكون مبهمًا قد وضح أمره بقوله: ﴿عَارِضًا﴾ إما تمييزًا وإما حالًا، وهذا الوجه أعرب وأفصح، والعارض: السحاب الذي يعرض في أفق السماء، ومثله: الحبي والعنان؛ من حبا وعنّ: إذا عرض. وإضافة "مستقبل" و"ممطر" مجازية غير معرفة، بدليل وقوعهما -وهما مضافان إلى معرفتين- وصفًا للنكرة.
﴿بَلْ هُوَ﴾ قول قبله مضمر، والقائل: هود عليه السلام، والدليل عليه قراءة من قرأ: "قال هود: بل هو"، وقرئ: "قل: بل ما استعجلتم به هي ريح"، أي: قال الله: قل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أعرب وأفصح): لما فيه من البيان بعد الإبهام، والإيضاح غب التعمية.
قوله: (الحبي): الجوهري: "الحبي: السحاب الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء".
قوله: (والقائل: هود، والدليل عليه): هذا يشعر بأن في خلافًا، قال محيي السنة: "يقول الله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ﴾ ". وقلت: يؤيد هذا القول التعقيب في قوله: ﴿فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إلاَّ مَسَاكِنُهُمْ﴾، لأنه ليس ثمة قول، بل هو عبارة عن سرعة استئصالهم وحصول دمارهم من غير ريب، وكذلك ذكر " الأمر"، كما قال: "وذكر" الأمر"، وكونها مأمورةً من جهته عز وعلا يعضد ذلك ويقويه".
ونحو هذا الأسلوب قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾ [البقرة: ٢٤٣]، قال: "معناه: فأماتهم الله، وإنما جيء بهذه العبارة للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر الله ومشيئته".


الصفحة التالية
Icon