ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يتخذ إلهًا، وهم اتخذوا الأصنام من دونه آلهة. هذا تقرير كلامه، وهو سديد، إلا أن لقائل أن يقول: أن المصنف ذكر في "البقرة" في قوله: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٣]: " أي: بين يدي الله، على قول، وعلى ذلك يستقيم أن يقال: اتخذوا الأصنام متقربًا بها بين يدي الله، وأيضًا قد قيل: إن ﴿قُرْبَانًا﴾ مفعول له، وعلى ذلك فهو غير مخصوص بما يتقرب به، فيسوغ أن يجري بمعنى المتقرب إليه، وحينئذ يستد أن يقال: إنه مفعول ثان أيضًا. هذا كلامه.
وقال مكي وأبو البقاء: "إنه مفعول ثان". وقال صاحب "الكشف": " ﴿قُرْبَانًا﴾ مفعول ثان قدم على الأول، أي: آلهةً ذات قربة".
وقال صاحب "التقريب": وغاية تقريره: أن اتخاذ الله قربانًا وشفعاء جهة معتبرة في النصرة، ولو جعل مبدلًا منه لكان في حكم الطرح، وخرج عن الاعتبار، وفيه نظر.
الانتصاب: "لا يصح أن يكون ﴿قُرْبَانًا﴾ مفعولًا ثانيًا، و ﴿آلِهَةً﴾ حالًا؛ لأنه يصير بمعنى الذم إلى ترك اتخاذ الله متقربًا به، لأنك إذا قلت لعبدك: اتخذت فلانًا سيدًا دوني! لمته على نسبة السيادة لغيره، والله تعالى لا يتقرب به، ولكن يتقرب إليه".
وقلت: المصنف لم يرد بـ" فساد المعنى" إلا خلاف المعنى المقصود؛ إذ لم يكن قصدهم في اتخاذهم الأصنام آلهةً على زعمهم إلا أن يتقربوا بها إلى الله تعالى، ألا ترى كيف صرح وكيف جيء بأداة الحصر في قوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣}، لاسيما في هذا المقام، لأن الذي سيق له الكلام، وجعل أصلًا في


الصفحة التالية
Icon