قال الزجاج: هو من: استأنفت الشيء: إذا ابتدأته. والمعنى: ماذا قال في أوّل وقت يقرب منا.
[﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ ١٧]
﴿زادَهُمْ﴾ الله ﴿هُدىً﴾ بالتوفيق، ﴿وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ أعانهم عليها، أو: آتاهم جزاء تقواهم. وعن السدي: بين لهم ما يتقون. وقرئ: "وأعطاهم"، وقيل: الضمير في ﴿زَادَهُمْ﴾ لقول الرسول، أو لاستهزاء المنافقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هو من: استأنفت الشيء: ابتدأته): روي عن المصنف: "الآنف: اسم للساعة التي قبل ساعتك التي أنت فيها، مشتق من الأنف، ولتقدمه الوقت الحاضر كأنه بمعنى: المتقدم، ومنه: أنفة الصبا: لأوله، ويقال: روضة أنف: لم ترع، أي: لما أول يرعى".
قوله: (﴿وآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ أعانهم عليها، أو آتاهم جزاء تقواهم): والأول أوفق لتأليف النظم؛ لما سبق أن أغلب آيات هذه السورة الكريمة روعي فيها التقابل، فقوبل ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ بقوله: ﴿والَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾، لأن الطبع يحصل من تزايد الرين، وترادف ما يزيد في الكفر، وقوله: ﴿واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ بقوله: ﴿وآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾، فيحمل على كمال التقوى، وهو أن يتنزه العارف عما يشغل سره عن الحق، ويتبتل إليه بشر اشره، وهو التقوى الحقيقي المعنى بقوله: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢]، فإن المزيد على مزيد الهدى مزيد لا مزيد عليه.