وقيل: إن أعرضتم وتوليتم عن دين رسول الله ﷺ وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض، بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام، بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا ووأد البنات؟
وقرئ: "وليتم"، وفي قراءة على بن أبي طالب رضي الله عنه: "توليتم"؛ أي: إن تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم، ومشيتم تحت لوائهم، وأفسدتم بإفسادهم؟ وقرئ: ﴿وَتُقَطِّعُوا﴾، و"تقطعوا"؛ من التقطيع والتقطع.
﴿أُولئِكَ﴾ إشارة إلى المذكورين، ﴿لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ لإفسادهم وقطعهم الأرحام، فمنعهم ألطافه وخذلهم، حتى صموا عن استماع الموعظة، وعموا عن إبصار طريق الهدى.
ويجوز أن يريد بـ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾: المؤمنين الخلص الثابتين، وأنهم يتشوفون إلى الوحي إذا أبطأ عليهم، فإذا أنزلت سورة في معنى الجهاد، رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: أن أعرضتم وتوليتم): عطف على قوله: (إن توليتم أمور الناس"، ومرجع معنى التوقع إلى الخلق، كقوله: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: ١٤٧].
قوله: (وقرئ: ﴿وتُقَطِّعُوا﴾ و "تقطعوا"): الأولى: هي المشهورة، والثانية: شاذة.
قوله: (ويجوز أن يريد بـ ﴿الَّذِينَ آمَنُو﴾: المؤمنين الخلص): عطف على قوله: "كانوا يدعون الحرص على الجهاد، ويتمنونه بألسنتهم"، وعلى الوجه الأول: قوله: ﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ من باب التجريد؛ جرد من الذين آمنوا القائلين: ﴿لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾: ﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾، وهم هم، وعلى الثاني: غير الأولى، ولذلك قال: "رأيت المنافقين فيما بينهم


الصفحة التالية
Icon