وعن أنس رضي الله عنه: ما خفي على رسول الله ﷺ بعد هذه الآية شيء من المنافقين، كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات، وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة، وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب: هذا منافق.
فإن قلت: أي فرق بين اللامين في ﴿فَلَعَرَفْتَهُمْ﴾ و ﴿لَتَعْرِفَنَّهُمْ﴾؟ قلت: الأولى هي الداخلة في جواب «لو»، كالتي في ﴿لَأَرَيْناكَهُمْ﴾ كررت في المعطوف، وأما اللام في ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ﴾ فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف.
﴿فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ في نحوه وأسلوبه. وعن ابن عباس: هو قولهم: مالنا -إن أطعنا- من الثواب؟ ولا يقولون: ما علينا -إن عصينا- من العقاب. وقيل: اللحن: أن تلحن بكلامك، أي: تميله إلى نحو من الأنحاء، ليفطن له صاحبك، كالتعريض والتورية، قال:
ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا.... واللّحن يعرفه ذوو الألباب
وقيل للمخطئ: لاحن؛ لأنه يعدل بالكلام عن الصواب.
[﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ﴾ ٣١]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي مسعود: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أن منكم منافقين، فمن سميت فليقم، ثم قال: قم يا فلان، حتى سمى ستةً وثلاثين".
قال: (ولا يقولون: ما علينا أن عصينا): يعني: كان حقهم على ما هم عليه من العصيان أن يقولوا: ما لنا- أن عصينا- من العقاب، فأتوا على أسلوب ما يؤذن المدح، بقولهم: ما لنا-إن أطعنا- من الثواب.
قوله: (أن تلحن بكلامك): أي: بمثله من الأنحاء، وأنشد الزجاج قول الشاعر:
منطق صائب وتلحن أحيا نًا وخير الحديث ما كان لحنا