ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، والكبيرة عند المعتزلة: تحبط الصالحات، ولو كانت مثل زبد البحر، وما أورده الزمخشري من الآثار وجب رده على قاعدة الحق بالتأويل، فإن لم يقبل التأويل فطريقه أن يحسن الظن بالمنقول عنه، وتغليط قائله، وكلام ابن عمر: ظاهره أولى بنصرة أهل السنة، والآية محمولة عندنا على الإخلال بركن أو شرط يقتضي البطلان من أصله، لا أنه يبطل بعد استكمال شرائط الصحة والقبول".
وقال القاضي: " ﴿لا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ كما أبطل هؤلاء بالكفر والنفاق، أو لا تبطلوا بالعجب والرياء والمن والأذى ونحوها، وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر".
وقلت: أما قصية النظم: فإنه تعالى لما حكى عن المؤمنين الذين قالوا: ﴿لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾ [محمد: ٢٠]، وكانوا يدعون بذلك الحرص على الجهاد، وحين أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال جبنوا وكعوا وأبوا إلا مخالفة طاعة الله ورسوله، وذمهم على ذلك ذمًا بليغًا، وأطنب فيه، حتى ختمه بقوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلى قوله: ﴿لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾، أتبع ذلك قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾، أي: لا تكونوا أمثالهم فيما أمرتم به من الجهاد في سبيل الله، فتجبنوا فيه، فإن ذلك نفاق وتشبيه بالكفرة الذين صدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول، فسيحبط الله أعمالكم، كما أبطل أعمالهم.